الأحد، 20 سبتمبر 2020

تسلا .. ضحية اديسون ووستنجهاوس وسر شهرتهما

استخدم حكمة ومعرفة الآخرين وسعيهم لتصقي الحقائق لتحقيق مآربك ، فذلك لن يوفر وقتك وجهدك الثمينين فحسب ولكن سيضفي عليك هالة إعجازية من الكفاءة والسرعة ، وسرعان ما يتم نسيان من ساعدوك وتبقى أنت وحدك في الذاكرة. لا تفعل بنفسك ما يمكن أن يفعله لك الآخرون.

انتهاك ومراعاة القاعدة :

كان نيقولا تسلا ــ وهو عالم صربي ـ شابا في عام 1883 وكان يعمل في الفرع الأوروبي لشركة إديسون عبر القارات , وقد أقنعه تشارلز باتشلر وهو كان صديقا شخصيا لإديسون بأن يبحث له عن مستقبل في أمريكا وأعطاه خطاب توصية لإديسون , ومن وقتها بدأ تسلا حياة من الكرب والمحن لم تنته حتى مماته. حين تعرف إديسون على تسلا عينه فورا ، وأخذ تسلا يعمل ثمإن عشرة ساعة يوميا لابتكار طرق لتطوير مولد كهرباء إديسون البدائي ، وفي النهاية قرر أن يعيد تصميمه كليا ، وقد رأى إديسون أن ذلك عمل ضخم يمكن أن يستمر لسنوات قد تضيع دون فائدة لكنه أخبر تسلا سأمنحك خمسين ألف دولارا إن نجحت في هذا الابتكار . عمل تسلا ليلا ونهارا وبعد عام واحد فقط استطاع تحسين المولد تحسينا كبيرا وجعله يعمل بتحكم آلي ، فذهب إلى إديسون يزف أليه الأخبار ويطالبه بالخمسين ألف دولار. فرح إديسون بالتطوير لأن الفضل كان سيعود عليه وعلى شركته أما فيما يختص بالمال فقد قال للعالم الشاب "تسلا. أنت لم تفهم بعد الدعابة الأمريكية " ومنحة بدلا من ذلك علاوة صغيرة. كان تسلا متحمسا لاستخدام التيار الكهربي المتردد بينما كان إديسون يصر على التيار المستمر ، ولم يرفض دعم أبحاث تسلا فحسب بل فعل كل ما في وسعه لتدميره شخصيا. فتوجه تسلا طالبا دعم قطب الصناعة في بيتسيرج جورج وستنجهاوس وكان قد أقام شركته الخاصة للكهرباء فدعـم وستنجهاوس أبحاثه دعما كاملا وتعاقد معه على نسبة مما ياتي من المشروع من أرباح في المستقبل. التيار المتردد الذي طوره تسلا هو الذي مازال يستخدم إلى وقتنا هذا ،لكن بعد أن سجل حق الاختراع باسمه تقدم علماء كثيرون يدعون أنهم من أعطوا تسلا أساس المشروع ، وفي وسط هذا اللغط. نسي اسم تسلا ونسبت الجماهير الاختراع إلى وستنجهاوس نفسه. بعد عام تورط وستنجهاوس في دعوى استيلاء قدمها ج.بيبيونت مورجان مما جعله يلغي تعاقد النسبة الذي منحه لتسلا ، وبرر ذلك للعالم الشاب بأن الشركة سوف تفلس إن أعطاه كامل حقوقه وأقنعه أن يشتري منه حق الاختراع بمبلغ 216000 دولار وهو مبلغ كبير دون شك ولكنه أقل بكثير من 12 مليون دولار المستحقة له بمعايير ذلك الزمن. وهكذا سلب الممولون من تسلا الما وحق الاختراع والعرفان عن أهم ابتكار في حياته. من ناحية أخرى يرتبط اسم جوجليومو ماركوني باختراع الراديو ، لكن القليلين هم من يعرفون أن في بثه الأول عبر القناة الإنجليزية عام 1899 استخدم ماركوني اختراعا مسجلا باسم تسلا منذ عام 1897 وأن الفضل في هذا البث يعود لأبحاث تسلا. مرة أخرى لم يحصل تسلا على المال أو التقدير. اخترع تسلا محركا يعمل بالحث الكهربي ونظام التيار المتردد وكان الأب الحقيقي للراديو ، لكن أيا من هذه الاختراعات لم يحمل اسمه ، وفي شيخوخته عانى من الفقر حتى مات. ‎ في عام 1917 وكانت خاتمة لسنوات من الفقر والمعاناة لتسلا ، أخبروه أنه سيحصل على ميدالية إديسون من الجمعية الأمريكية لمهندسي الإلكترونيات ، فرفض الميدالية قائلا " تقدمون لي ميدالية أثبتها في معطفي وأتخايل بها هزلا أمام أعضاء جمعيتكم ، تزينون جسدي وتتركونه يموت جوعا لأنكم رفضتم الاعتراف بما أنتج عقلي من اختراعات شكلت أساسا لمعظم ما تقوم عليه جمعيتكم ".

التعليق :

يتوهم الكثيرون أن العلماء أنهم يتعاملون مع الحقائق بعيدون عن المنافسات الشخصية الحقيرة التي تنغص حياة بقية سكان العالم. كان تسلا من أولئك المتوهمين. كان يظن العلم لا شأن له بالسياسة وكان يقر بأنه لا يهتم بالمال أو الشهرة لكن في شيخوخته رأى أن تجاهله لهذه الأمور هو الذي دمر أبحاثه العلمية. ولآن اسمه لم يرتبط بأي اختراع لم يوافق أي مستثمر على أن يرعى أفكاره العديدة ، وبينما كان هو يفكر في اختراعات عظيمة من أجل المستقبل كان آخرون ينتحلون أعماله وينسبون المجد لأنفسهم. كان راغبا في القيام بكل شيء بنفسه. ولكن ذلك أجهده وأفقره. كان إديسون نقيضا لتسلا فلم يكن بالفعل عالما أو مخترعا فذا ، فقد قال ذات مرة أنه لا يحتاج لأن يكون خبيرا في الرياضيات لأنه يستطيع أن يوظف خبيرا متى أراد. كانت تلك هي المنهجية الأساسية لدى إديسون ، كان رجل أعمال ودعاية يقتنص الفرص ويتعرف على صيحات العصر ثم يوظف من يبرعون في هذه الأمور ليعملوا من أجله. وكان يسرق من منافسيه إن تطلبه الآمر ، لكن اسمه أشهر من اسم تسلا وتنسب إليه اختراعات كثرية. الدرس هنا مزدوج : تكريمك على أي اختراع مهم بل أهم من الاختراع نفسه عليك أن تؤمن العرفان لنفسك وتتمنع الآخرين من انتحال ثمرة جهدك الشاق ولتحقيق ذلك عليك أن تكتم على ابتكارك إلى أن تتأكد من خلو السماء من الطيور الجارحة.الدرس الثاني ، تعلم أن تستفيد من أعمال الآخرين لتطوير مشاريعك ، فالوقت ثمين والحياة قصيرة. إن حاولت أن تفعل كل شيء بنفسك فسوف تنهك طاقتك ولا تستطيع أن تواصل حتى النهاية.الأفضل لك أن تحتفظ بقواك وتقتنص جهود الآخرين وتعمل على أن تنسبها لنفسك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق